أولا : موضوع البحث :
لم تواجه مهنة المراجعة مثل ما واجهته مع بدايات القرن الحادي والعشرين ، حيث نالت منها مشاكل انهيار العديد من المنشآت العالمية وخسارة الكثير من المساهمين مليارات الدولارات ؛ نتيجة فساد الإدارة العليا ، وفشل المراجعين الخارجيين في اتخاذ الإجراءات المهنية الملائمة ومن ثم الكشف عن تلك التجاوزات 0 وكان من نتائج هذه الفضائح المالية انخفاض ثقة المستثمرين في أسواق المال ، وانخفاض الثقة في التقارير المالية
وبعد ظهور حالات الفشل المالي في العديد من الشركات بدول العالم المختلفة ، تم توجيه الكثير من الانتقادات إلي مهنة المراجعة ، وفي هذا الإطار تعد حالات الفشل المالي الكبرى في الشركات الأمريكية هي الأشهر ، والأكثر تأثيرا في ظهور تلك الانتقادات لمهنة المراجعة التي أجازت التقارير المالية لهذه الشركات واعترفت بعدالة مراكزها المالية. وواجهت موقفا صعبا عرضها للشك والاتهام بالإضافة إلى فقدان الثقة من قبل المستثمرين والمساهمين في العالم
وفي ضوء هذه المتغيرات والأحداث وجهت الهيئات التنظيمية والمهنية علي مستوي العالم انتقاداتها للجان المراجعة الموجودة بهذه الشركات ، والحاجة إلى تطوير أداء هذه اللجان ، والتركيز علي الدور الهام الذي يمكن للجان المراجعة القيام به في مجال التحقق من سلامة التقارير المالية ، وذلك من خلال الإشراف على عملية إعداد التقارير المالية ، ومتابعة أعمال المراجعة ، والتنسيق بين عمل كل من إدارة المراجعة الداخلية والمراجع الخارجي ، ودعم استقلال كل من الخارجي والمراجع الداخلي.
ولم يكن الاهتمام بدور لجان المراجعة في مجال الجهود الرامية إلى إعادة المصداقية والثقة التقارير المالية للشركات وليد السنوات القليلة المنصرمة ، فقد بدأ الاهتمام منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، ففي سبعينيات القرن الماضي، أصدرت بورصة نيويورك للأوراق المالية بالولايات المتحدة الأمريكية قرارات ملزمة للشركات المقيدة بها بإنشاء لجان مراجعة بهدف الإشراف علي السياسات المحاسبية والتقارير المالية للشركة
وفي المملكة المتحدة بدأ الاهتمام بتشكيل لجان المراجعة في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين نتيجة تزايد حالات الغش الإداري وفشل المنظمات ، وفي عام 1992 أوصت لجنة
كادبوري البريطانية Cadbury Committee بأن تشكل جميع المنشآت المسجلة ببورصة لندن الجان مراجعة.
ونظرا للتحولات الاقتصادية التي تشهدها مصر في الوقت الحاضر ، واتجاه سياسة الدولة إلي الخصخصة واقتصاديات السوق ، وانتشار شركات المساهمة ، وتطور سوق رأس المال ، وحاجة تلك الشركات إلى جهة محايدة ليس لها مصالح بالشركة سوي التأكد من أن القوائم المالية تفصح بصدق وعدالة عن حقيقة النشاط بالشركة ومركزها المالي ، من هنا تظهر أهمية دور لجان المراجعة كطرف محايد تعمل علي مراقبة أداء الإدارة التنفيذية ، وطمأنة أصحاب المصالح في هذه الشركات علي مصداقية القوائم والتقارير المالية والتأكد من جودة المعلومات التي يتم الإفصاح عنها للمساهمين.
وانطلاقا مما سبق فان مشكلة البحث تدور حول الإجابة عن التساؤلات الآتية : هل توجد علاقة بين ضوابط تشكيل لجان المراجعة (الاستقلال ، الخبرة ، عدد الأعضاء ) وجودة التقارير المالية ؟ وهل يؤدي وجود لجان المراجعة إلى دعم استقلال وتعزيز عمل المراجع الخارجي والمراجع الداخلي ؟ وهل هناك تأثير للأنشطة التي تقوم بها لجان المراجعة على جودة التقارير المالية ؟

